دروس التاريخ الدورة الأولى
التاريخ
1 - ازدهار الرأسمالية الأوربية خلال القرن 19
مقدمـة:
مهدت الثورة الصناعية بتحولاتها العميقة في مختلف المجالات للازدهار الذي عرفه النظام الرأسمالي خلال القرن 19م.
- فما معنى الرأسمالية؟
- وما مظاهر ازدهارها في القرن 19؟
- وفيم تجلت خصائص المجتمع الرأسمالي الأوربي؟
І – مهدت الثورة الصناعية خلال القرن 19 لتطور النظام الرأسمالي الأوربي:
1 ـ تعريف الرأسمالية ومظاهر ازدهارها:
الرأسمالية هي نظام اقتصادي واجتماعي يقوم على حرية الملكية لوسائل الإنتاج وحرية المبادرة والمنافسة تميزت في تطورها بعدة مراحل حسب نشاطها الإنتاجي، من رأسمالية تجارية، فرأسمالية صناعية ثم رأسمالية مالية.
الثورة الصناعية هي مجموع الاختراعات التقنية التي عرفتها أوربا الغربية مابين سنتي 1760 و 1840 م وتجلت في انتشار المصانع والأبناك واتساع المدن.
أدت الثورة الصناعية المتمثلة في الاختراعات التقنية إلى ازدهار الرأسمالية الأوربية، حيث شملت الاختراعات التي انطلقت مت بريطانيا عدة قطاعات بدءا بآلات الخياطة ووسائل المواصلات واستخدام الطاقة لتشمل مختلف المجالات (أنظر الخط الزمني الصفحة 10).
أدت الاختراعات التقنية التي انتشرت بدول أوربا الغربية إلى تطور إنتاج المواد الأولية (خاصة الحديد والبترول) كما أدى ازدياد الاستهلاك إلى ارتفاع أثمان بعض المنتوجات.
انتشرت بأوربا مجموعة الصناعات، خاصة بإنجلترا وفرنسا وألمانيا، وشملت أساسا الفولاذ والنسيج والصناعات الكيماوية، وظهرت مناطق صناعية كبرى ساهمت في توسع المدن.
2 ـ شكلت ظاهرة التركيز الرأسمالي أهم دعائم التطور الصناعي:
لتلبية الطلبات المتزايدة على المنتوجات الصناعية، حلت المصانع الكبرى محل المانيفاكتورات، مما تطلب توفير رؤوس أموال ضخمة، فظهرت الشركات المجهولة الاسم كاندماج لمجموعة من المقاولات الشخصية التي أصبح رأسمالها يتكون من أسهم تتداول في البورصة.
يعتبر التركيز الرأسمالي من أهم مظاهر تطور النظام الرأسمالي خلال القرن 19، وقد اختلفت أشكاله باختلاف طبيعته وأهدافه:
* التركيز الأفقي: هو تجميع عدة مؤسسات تشتغل بمنتوج واحد تحت نفس الإدارة.
* التركيز العمودي: هو اندماج عدة مؤسسات متكاملة تساهم في مسلسل صناعة منتوج واحد.
* شركات التملك (الهولدينغ): مؤسسات مالية كبرى، تملك غالبية الأسهم في عدة شركات وهي متعددة الاختصاص (أنظر الخطاطة الصفحة 12.
ІІ– أحدثت الرأسمالية تحولات على المجتمع الأوربي خلال القرن 19 م:
1 ـ عرفت أوربا نموا سكانيا سريعا:
شهدت أوربا مع بداية القرن 19 تضخما سريعا في عدد سكانها بعد ارتفاع الإنتاج الفلاحي وتحسن التغذية وتقدم أساليب الوقاية والعلاج.
عرفت المدن الأوربية تضخما سريعا في عدد سكانها بسبب توسع الأنشطة الحضرية وهجرة البوادي والتزايد الطبيعي.
2 ـ عرفت أوربا تفاوتا طبقيا واضحا:
عرف المجتمع الأوربي تباينا اجتماعيا واضحا بين طبقة بورجوازية غنية وطموحة تتشكل من رجال الصناعة والمال وطبقة بروليتارية تتعرض للاستغلال وتعيش ظروفا اجتماعية سيئة.
لتحسين ظروفها المعيشية شكلت الطبقة العاملة إطارا للدفاع عن مطالبها فظهرت"النقابات"، التي حصلت على مكاسب اجتماعية مهمة. (أنظر الوثيقة 6 الصفحة 14)
خاتمـة: ساعدت الثورة الصناعية على تطور النظام الرأسمالي، وفتحت المجال للتوسع الإمبريالي
--------------------------------------------------------------------------------------
التاريخ
2 - الامبريالية وليدة الرأسمالية
مقدمـة:
رافق تطور الرأسمالية خلال القرن 19م، نمو حركة إمبريالية قادت دول أوربا للسيطرة على مناطق شاسعة من العالم.
- فما المقصود بالامبريالية ؟
- وما هي مبرراتها ومظاهرها؟
- وأين امتدت مناطق نفوذها؟
І – تعددت أسس الامبريالية، وتنوعت مظاهرها:
1 ـ تعتبر الامبريالية مرحلة من مراحل الرأسمالية:
الامبريالية حركة توسعية استعمارية، تزعمتها الدول الأوربية خلال القرن19 م، وسعت إلى توفير الأسواق الخارجية لتصريف الفائض الديمغرافي والصناعي، وجلب المواد الأولية لتحقيق المزيد من الأرباح .
تعددت دوافع الحركة الامبريالية، حيث أدى ظهور التركيز الرأسمالي وانتشار الاحتكار وحرية المبادلات إلى ارتفاع عرض المنتوجات الصناعية وانخفاض الطلب مما دفع بالدول الأوربية إلى اتباع سياسة حمائية نتج عنها سباق للسيطرة على الأسواق الخارجية لتصريف فائضها من المنتوجات الصناعية ورؤوس الأموال.
كانت الحاجة إلى المواد الأولية (مصادر الطاقة والمعادن..) والمنتوجات الغذائية، بالإضافة إلى الرغبة في تصريف الفائض الديمغرافي من بين الدوافع الأخرى لانتشار الحركة الإمبريالية.
2 ـ مبرات الحركة الامبريالية ومناطق نفوذها:
عملت الدول الأوربية على تبرير توسعها الاستعماري بكونها تعمل على نشر حضارتها لإخراج العالم من التخلف، كما أنها ادعت ضرورة حماية أمنها وحاجة اقتصادها أو تفوقها العرقي، كما زعم رجال الدين بأن واجبهم الديني يحتم عليهم نشر تعاليم الدين المسيحي مستخدمة عدة وسائل من بينها البعثات الكاثوليكية والرحلات الاستكشافية والقوة العسكرية.
اختلفت مناطق نفوذ الدول الإمبريالية، حيث تركز التنافس الاستعماري على آسيا وإفريقيا، وساهمت فيه معظم دول أوربا الغربية تتقدمها إنجلترا وفرنسا، حيث عملت من خلال مؤتمر برلين سنة 1885م على تقسيم مناطق نفوذها. (أنظر الخريطة الصفحة 17)
ІІ– يعتبر الاحتلال الفرنسي للجزائر نموذجا للتوسع الإمبريالي:
1 ـ مبررات ودوافع احتلال الجزائر:
تعرضت الجزائر للاحتلال الفرنسي سنة 1830 م، وترجع أسباب هذا الاحتلال إلى رغبة فرنسا في استغلال خيرات الجزائر الفلاحية والمعدنية والسيطرة على الموقع الاستراتيجي للمنطقة، بالإضافة إلى سعيها للفت الأنظار عن المشاكل السياسية والاجتماعية الداخلية.
2 ـ مراحل الاحتلال ورد فعل المقاومة:
مر الاحتلال الفرنسي للجزائر بعدة مراحل، حيث انطلق التوغل من المناطق الشمالية ثم بدا التسرب صوب الداخل حيث لم تستطع القوات الفرنسية السيطرة على كامل التراب الجزائري حتى سنة 1941 (أنظر الخريطة الصفحة 18).
اندلعت عدة حركات لمقاومة الاحتلال الفرنسي خاصة بالبوادي، وكان من أشهرها حركة الباي أحمد بالشرق وحركة الأمير عبد القادر بالغرب (أنظر الجدول ص 18).
خاتمـة:
شكلت الإمبريالية أقصى مراحل تطور النظام الرأسمالي، وبداية تقسيم مناطق النفوذ الأوربي. ويعتبر احتلال الجزائر نموذجا للاستعمار الإمبريالي.
-----------------------------------------------------------------------
التاريخ
3 -الضغط الاستعماري على المغرب
مقدمـة:
جاء فرض الحماية على المغرب سنة 1912م كنتيجة لسلسلة من الضغوط الاستعمارية منذ منتصف القرن 19.
- فما هي هذه الضغوط الاستعمارية؟
- وما أشكال التهافت الأوربي على المغرب؟
- وكيف ساهم فشل الإصلاحات في فرض الحماية؟
І – تعرض المغرب لضغوط استعمارية قوية منذ سنة 1844:
1 ـ الضغوط العسكرية:
منذ احتلال فرنسا للجزائر وهي تتحرش بالمغرب للتحكم في خيراته، فتذرعت بمساعدة القبائل الشرقية للأمير عبد القادر للهجوم عليه وهزمه في معركة إيسلي سنة 1844م، التي كشفت عن الضعف العسكري الكبير للمغرب ففرضت عليه معاهدة للامغنية سنة 1845 التي عينت الحدود بين المغرب والجزائر، لكنها تركت المناطق الجنوبية دون تعيين حدودها.
2 ـ التهافت الاقتصادي:
أدى انهزام المغرب أمام فرنسا إلى خضوعه تدريجيا للتغلغل الاقتصادي الأوربي، حيث فُرضت عليه سلسلة من المعاهدات كبلته اقتصاديا وخلقت فئة "المحميون" الغير الخاضعين لسلطة المخزن.
فرضت إنجلترا على المغرب معاهدة تجارية سنة 1856 حصلت بموجبها على امتيازات ضريبية وقضائية تبعتها إسبانيا بمعاهدة تجارية سنة 1861م فتحت لها الباب لاستغلال المغرب ماليا، أما فرنسا فرسخت تواجدها من خلال معاهدة 1863.
ІІ– أدى فشل سياسة الإصلاحات إلى فرض الحماية على المغرب سنة 1912:
1 ـ سياسة الإصلاحات وفشلها:
لمواجهة الضغوط الأوربية حاول السلاطين المغاربة تطبيق مجموعة من الإصلاحات، مست الضرائب (ضريبة الترتيب في عهد المولى عبد العزيز) وتحديث الجيش (في عهد المولى عيد الرحمن)، وإصلاح التعليم (بعثات المولى الحسن الأول نحو أوربا)، كما أن الإصلاحات مست الإدارة والاقتصاد والمالية.
واجهت سياسة الإصلاحات مجموعة من الصعوبات أدت إلى فشلها، فبالإضافة إلى الظروف الخارجية وعدم رغبة الأوربيين في نهوض المغرب واسترجاع قوته، عارض العلماء والفقهاء الإصلاحات الاقتصادية لأنهم رأوها تفتح الباب أمام الأطماع الأوربية، كما عارضها سكان البوادي لأنها هددت فلاحتهم وحرفهم وخفضت العملة الوطنية وأغرقت البلاد في القروض الأجنبية.
2 ـ فرض الحماية:
أدى فشل سياسة الإصلاحات إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، حيث انهارت المحاصيل الزراعية الأسعار فانتشرت المجاعات وعجز السكان عن أداء الضرائب.
تدهورت الأوضاع السياسية والاقتصادية بفعل انتشار الانتفاضات والصراع على العرش، فعقدت الدول الأوربية مؤتمر الجزيرة سنة 1906، الذي مهد لفرض معاهدة الحماية على السلطان المولى عبد الحفيظ سنة 1912 م.
خاتمـة: انتهت الضغوط الأوربية التي تعرض لها المغرب منذ القرن 19 إلى سقوطه تحت الاستعمار الفرنسي والإسبا
------------------------------------------------------------------------
التاريخ
-4-الحرب العالمية الأولى: الأسباب والنتائج
مقدمـة:
قاد التنافس الإمبريالي العالم إلى مواجهة مسلحة تمثلت في الحرب العالمية الأولى.
- فما هي أسباب هذه الحرب؟
- وما هي أهم مراحلها؟
- وفيم تمثلت النتائج التي ترتبت عنها؟
І – تعددت أسباب ومراحل الحرب وتنوعت خصائصها:
1 ـ أسباب الحرب العالمية الأولى:
تسببت النزعة القومية التي سادت بأوربا خلال القرن 19 في عدة نزاعات حول الحدود الترابية ومطالبة بعض الحركات بالانفصال.
امتدت الصراعات إلى المجال الاقتصادي، حيث اشتد التنافس الإمبريالي حول مناطق النفوذ (المستعمرات) وخلقت هذه الظروف تحالفات بين الدول الأوربية، انتهت مع مطلع القرن 20 بظهور مجموعتين متنافستين تتسابقان نحو التسلح، هما: دول الوفاق الثلاثي ( الحلفاء) ودول المركز.
شكل اغتيال ولي عهد النمسا أثناء زيارته لصربيا يوم 28 يونيو 1914 الذريعة والسبب المباشر لاندلاع الحرب العالمية الأولى.
2 ـ مراحل وخصائص الحرب:
مرت الحرب العالمية الأولى بمرحلتين أساسيتين:
• المرحلة الأولى (1914-1917): تميزت بتفوق وانتصارات دول المركز بزعامة ألمانيا.
• المرحلة الثانية (1917-1918): تميزت بانسحاب روسيا بعد قيام الثورة البولشفية ودخول
الولايات المتحدة الحرب، فانقلبت الكفة لصالح دول الوفاق ولم تعد ألمانيا تتحمل الحرب فاستسلمت.
تميزت الحرب العالمية الأولى بمجموعة من الخصائص جعلتها تختلف عما سبقتها من الحروب، منها:
• طول مدتها (أكثر من أربع سنوات)
• اشتراك عدة دول من مختلف مناطق العالم في الحرب.
• استخدام أعداد هائلة من الجنود والعتاد الحربي بالإضافة إلى استخدام أسلحة جديدة لأول مرة (الدبابات، الطائرات، الخنادق)
• تعبئة موارد بشرية واقتصادية هائلة.
ІІ– تعددت نتائج الحرب العالمية الأولى:
1 ـ الخسائر البشرية والاقتصادية:
تسببت الحرب في خسائر بشرية كثيرة بسبب ارتفاع عدد القتلى والمعطوبين وانخفاض معدل الولادات مما أدى إلى انتشار ظاهرة الشيخوخة وتراجع نسبة السكان النشطين.
خلفت الحرب خسائر اقتصادية كبيرة، فانتشر الفقر والبطالة، كما عرفت الدول المتحاربة أزمة مالية خانقة بسبب نفقات الحرب الباهضة، فازدادت مديونية الدول الأوربية وتراجعت هيمنتها الاقتصادية لصالح الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.
2 ـ المعاهدات ومحاولات بناء السلم العالمي:
عقد مؤتمر الصلح بقصر فرساي سنة 1919 بدون حضور الدول المنهزمة الذي فرضت معاهداته شروطا قاسية على الدول المنهزمة واقتطعت أجزاء من أراضيها لصالح البلدان المجاورة، كما أنشئت عصبة الأمم لنشر السلم والتعاون بين الدول اعتمادا على مجموعة من الأجهزة (أنظر الخطاطة ص 30).
تغيرت خريطة أربا بعد الحرب العالمية الأولى، حيث تفككت الأنظمة الإمبراطورية القديمة، وسقطت الأسر الحاكمة بها، كما تغيرت الحدود الترابية للقارة الأوربية بظهور دول جديدة، وقامت الثورة الروسية التي طبقت أول نظام اشتراكي في إطار الاتحاد السوفياتي. (أنظر الخريطة الصفحة 29)
خاتمـة:
أدت الحرب العالمية الأولى إلى عدة تحولات داخل أوربا وخارجها، كما أن نتائجها السياسية كانت تحمل بوادر حرب عالمية ثانية
التاريخ
-5-انهيار الإمبراطورية العثمانية
والتدخل الاستعماري بالمشرق العربي
مقدمـة:
تدهورت أوضاع الإمبراطورية العثمانية خلال القرن 19م، مما أدى إلى انهيارها
- فما العوامل التي أدت إلى تدهور الإمبراطورية العثمانية وانهيارها؟
- وما الأساليب التي استعملتها القوى الإستعمارية للتغلغل بالمشرق العربي؟
- وما هي أهم مناطق النفوذ التي قسم إليها المشرق العربي؟
І – تدهور أوضاع الإمبراطورية العثمانية وفشل محاولات الإصلاح:
1 ـ تدهورت أوضاع الإمبراطورية العثمانية خلال القرن 19:
فقدت الإمبراطورية العثمانية المقومات التي بنت على أساسها إمبراطوريتها الواسعة، إذ أخذت بوادر الضعف تظهر عليها منذ أواخر القرن 16م، حيث تعرضت لهزائم عسكرية متتالية، ففرضت عليها مجموعة من المعاهدات اقتطعت أجزاء مهمة من ترابها (أنظر الخط الزمني الصفحة 31).
مع بداية القرن 19، تفاقمت أوضاع الإمبراطورية بعد ضعف الجيش وازدياد الصعوبات المالية وارتفاع الضرائب مما أدى إلى اضطرابات اجتماعية.
2 ـ فشل محاولات الإصلاح:
لجأت الدولة العثمانية منذ أواخر القرن 18 إلى سن سلسلة من الإصلاحات، استهدفت الحيلولة دون التفكك التام والسقوط تحت قبضة الاستعمار الأوربي.
مست "التنظيمات" العثمانية القطاع العسكري بإعادة تنظيم الجيش بعد حل "الانكشارية" وإلغاء "نظام الالتزام" حيث أصبحت الضرائب تؤدى مباشرة للدولة حسب الثروة والدخل.
واجهت الإصلاحات العثمانية مجموعة من الصعوبات بسبب معارضة قادة الجيش والفقهاء ومناورات الدول الأوربية ونقص الموارد المالية، مما دفع الدولة إلى الاستمرار في الاقتراض من الخارج فأفلست الخزينة.
ІІ– أدى التدخل الاستعماري إلى تفكك الإمبراطورية العثمانية:
1 ـ تعددت أساليب التدخل الاستعماري في المشرق العربي:
تعددت أساليب التدخل الاستعماري بالمشرق العربي، ففي الميدان الاقتصادي أغرقت أوربا الدولة العثمانية بالديون وحصلت على امتيازات تجارية، أما في الميدان الديني فعملت على إرسال البعثات التبشيرية والتدخل لحماية حقوق الأقليات، كما تدخلت سياسيا في شؤون الحكم بعزل أو تعيين الحكام بالمناطق العربية.
2 ـ تفككت الوحدة الترابية للإمبراطورية العثمانية:
تصدعت الإمبراطورية العثمانية بفعل انهزاماتها المتتالية حيث انتقلت من التوسع الترابي إلى التخلي عن أجزاء هامة من ترابها سواء بأوربا أو إفريقيا أو بالمشرق العربي حيث ظهرت عدة حركات انفصالية تطالب بالاستقلال.
اقتطعت النمسا والدول المتحالفة معها أجزاء من الممتلكات العثمانية بأوربا بمقتضى"اتفاقية كارلوفيتز" سنة 1694 كما تمكنت روسيا من الاستيلاء على شبه جزيرة القرم والساحل الشمالي للبحر الأسود، ومع بداية القرن 19، اشتد التنافس الأوربي حول أراضي الإمبراطورية فاستخدمت فرنسا وبريطانيا الطرق الديبلوماسية والعسكرية للتوغل داخلها والحصول على عدة امتيازات.
ІІІ– أسباب انهيار الإمبراطورية العثمانية وتفكك المشرق العربي:
1 ـ أسباب الانهيار:
* الأسباب الداخلية: تعددت الصراعات داخل الإمبراطورية العثمانية بفعل الصراع على الحكم وتدخل الجيش في شؤون الحكم، كما أن حروب البلقان ساهمت في إضعاف السلطة المركزية، وساهمت الثورة العربية الكبرى المطالبة بالانفصال بتحريض من بريطانيا في تفكك وحدة الإمبراطورية.
* الأسباب الخارجية: ساهم التآمر الفرنسي الإنجليزي والهزيمة في الحرب العالمية الأولى في إضعاف وتفكك وحدة الإمبراطورية العثمانية (أنظر الجدول الصفحة 34).
2 ـ التدخل الاستعماري بالمشرق العربي:
أصبح الوجود العثماني بالمشرق العربي إسميا فقط بعد ضعف الإمبراطورية العثمانية، فاغتنمت الشعوب العربية الفرصة لتنظيم حركات تطالب بالانفصال عن الحكم العثماني.
خلال الحرب العالمية الأولى عملت بريطانيا على استمالة دول المشرق العربي لصالحها ضد الإمبراطورية العثمانية فأجرى المفوض البريطاني مكماهون سلسلة من المراسلات مع ممثل الدول العربية الشريف حسين أمير الحجاز لإعلان ثورة العرب ضد الأتراك مقابل الحصول على استقلالهم بعد نهاية الحرب.
ساهمت ثورة العرب في انهزام العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، إلا أن الوعود التي قدمتها بريطانيا كانت مناقضة للمعاهدات السرية التي وقعتها مع فرنسا لتوزيع مناطق النفوذ، من أهمها معاهدة سايكس بيكو (أبريل 1916 - أنظر الخريطة الصفحة 34).
ساهم مؤتمر فرساي من خلال معاهدة سيفر سنة 1920 في تفكيك الإمبراطورية العثمانية وتعيين حدود "دولة تركيا".
خاتمـة:
ساهمت مجموعة من العوامل في انهيار الإمبراطورية العثمانية، فسقطت مجموعة من الدول العربية تحت الاستعمار الأوربي.
التاريخ
-6-أزمة 1929: الأسباب، المظاهر، النتائج
مقدمـة:
اعتاد العالم الرأسمالي منذ القرن 19م على مواجهة أزمات دورية، لكن أزمة 1921 كانت أكثرها حدة.
- فما هي أسباب أزمة 1929؟
- وأين تجلت مظاهرها؟
- وما هي النتائج التي ترتبت عنها؟
- وكيف تمت مواجهتها؟
І – تعددت أسباب الأزمة ومظاهرها ومناطق انتشارها:
1 ـ أسباب ومظاهر الأزمة:
فتحت الحرب العالمية الأولى المجال أمام الصناعة الأمريكية لغزو الأسواق العالمية بعد تراجع القوة الاقتصادية لأوربا، فعرف اقتصادها فترة من الازدهار والرخاء بفعل استفادتها من فعالية التنظيم الصناعي وارتفاع مردودية الفلاحة وكثرة الاستهلاك بفعل تطور الدخل الفردي.
دخل الاقتصاد الأمريكي سنة 1921 في أزمة دورية بفعل معاناته من نقط ضعف عديدة كعدم مسايرة الاستهلاك لضخامة الإنتاج، وانتشار المضاربات بالبورصة، حتى أصبحت أسعار الأسهم لا تساير الزيادة الحقيقية في أرباح الشركات.
انطلقـت الأزمة الاقتصادية من بورصة وول ستريت بمدينة نيويورك يوم 24 أكتوبر 1929 بعد طرح 19 مليون سهم للبيع دفعة واحدة فأصبح العرض أكثر من الطلب فانهارت قيمة الأسهم، فعجز الرأسماليون عن تسديد ديونهم فأفلست الأبناك وأغلقت عدة مؤسسات صناعية أبوابها، كما عجز الفلاحون عن تسديد قروضهم فاضطروا للهجرة نحو المدن.
2 ـ انتشار الأزمة:
اضطرت الولايات المتحدة الأمريكية إلى سحب رساميلها المستثمرة بالخارج وأوقفت إعاناتها لبعض الدول، فامتدت الأزمة إلى البلدان الصناعية الأوربية، وبفعل ارتباطها بالاقتصاد الأوربي فقد امتدت الأزمة لبلدان المستعمرات كما مست باقي دول العالم بفعل نهج سياسة الحمائية لحماية الاقتصاد الوطني.
لم يفلت من الأزمة سوى الاتحاد السوفياتي لانعزاله عن العالم الرأسمالي بإتباعه نظاما اشتراكيا.
ІІ– تعددت نتائج الأزمة واختلفت طرق معالجتها:
1 ـ نتائج الأزمة:
تضررت المؤسسات البنكية وانهار الإنتاج الفلاحي والصناعي بفعل انخفاض الأسعار وتراجع الاستهلاك فتأزمت المبادلات العالمية، كما انتشر البؤس وتزايد أعداد العاطلين وتكاثرت الهجرة القروية.
أحيت الأزمة الصراعات الاستعمارية، كما أدت إلى وصول أنظمة ديكتاتورية لحكم بعض الدول كالنازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا.
2 ـ مواجهة الأزمة:
تم التخفيض من قيمة العملة لتشجيع الصادرات، وتم تقليص ساعات العمل مع تجميد الأسعار والرفع من الضرائب وتطبيق سياسة الاكتفاء الذاتي وتشجيع استهلاك المنتوجات الوطنية.
نهجت بعض الدول أسلوب التوجيه عن طريق سياستها الجبائية وبتحديد نسب الفائدة، كما اعتمدت أخرى على مستعمراتها وعلى الصناعات العسكرية والمشاريع العمومية الكبرى.
تبنى الرئيس الأمريكي روزفلت «الخطة الجديدة» سنة 1933 لمواجهة الأزمة، حيث تم تنظيم الأبناك ومراقبة المؤسسات المالية ودعم الفلاحين مع إصلاح الصناعة بالتخفيف من المنافسة وتحديد الحد الأدنى للأجور، وفي الميدان الاجتماعي تم فتح أوراش كبرى للتخفيف من البطالة مع تحسين الأجور.
خاتمـة:
وضعت الأزمة الاقتصادية حدا لازدهار الاقتصاد الرأسمالي الليبيرالي السائد منذ القرن 19 وأحيت الصراعات الدولية ممهدة لحرب عالمية ثانية.